عندما كنتُ ، أتدبر بعض الأفكار ، وأتابع وأحلل بعض الأحداث السياسية من واقع عملى المهنى واهتمامى بالشأن العام ، لاحظت أن قضية العرب المركزية (قضية الصراع العربى الإسرائيلي) ، قد حدثت بها 3 تواريخ كبرى ، كانت فارقة في مجريات هذا الصراع ، ونقطة تحول رئيسية ، ألقت بظلالها على العالم أجمع ، وليس على الوطن العربى فقط .
الأحداث الثلاثة مرتبطة بشهر أكتوبر ، وحدثت فى أيام 29 و6 و7 من هذا الشهر مع إختلاف الأعوام .
ففي يوم 29 أكتوبر 1956 ، كان بداية العدوان الثلاثى الذى شنته إنجلترا وفرنسا وإسرائيل على مصر ، عقابا لها على تأميم قناة السويس ، واستمر العدوان نحو أسبوعين ، وانتهى بانتصار مصر ، وأصبحت قناة السويس ملكا خالصا للشعب المصرى ، وتمكنت مصر بعدها من بناء السد العالى ، أعظم مشروع هندسى في القرن العشرين ، وفقا لتقيمم الأمم المتحدة .
29 أكتوبر 1956 ، أحدث تغييرا تاريخيا لم يسبق له مثيل ، ليس في مسار الصراع العربى الإسرائيلي فقط ، وإنما في كافة دول العالم .
فقد كان هذا اليوم ، بداية ثورة تحرر وطنى ، خاضتها حركات التحرر الوطنى بدعم قوى ومركز من مصر في قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، كما أدى إلى سقوط الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية تماما من الوجود ، وتشكيل حركة عدم الإنحياز والحياد الإيجابى ، للحفاظ على السلام والأمن العالمى .
وللمرة الثانية ، يحدث نفس الأمر والأثر والتأثير التاريخى من خلال حدث جلل وهو يوم 6 أكتوبر 1973 ، حيث عبر الجيش المصرى قناة السويس ، وقام الجيش العربى السورى باقتحام مرتفعات الجولان المحتلة في نفس التوقيت ، وهى حرب تاريخية بكل المقاييس والمعايير حتى أن التاريخ يٌصنف ويُؤرخ ، طبقا لما قبل 6 أكتوبر ، وما بعد 6 أكتوبر 73 .
هذه الحرب ، وضعت العرب لأول مرة كقوة سادسة في العالم في ذلك الوقت ، حيث تم فيها استخدام سلاح البترول لأول وآخر مرة ، مما أدى إلى هز الاقتصاد العالمى كله .
والموعد الثالث ل"الشهر" العجيب ، جاء يوم 7 أكتوبر الماضى 2023 ، عندما حدث طوفان الأقصى في أول هجوم شامل فلسطيني برا وبحرا وجوا على الأراضى المحتلة .
ووجه الفلسطينيون خلال هذا اليوم ، ضربة تاريخية لإسرائيل ، لم تفق منها حتى الآن ، مما أدى إلى إندلاع حرب ضارية بين الجانبين ، واتسعت جبهاتها وامتدت في غزة والضفة وجنوب لبنان وسوريا والعراق واليمن ، وبعض المناطق فى البحر الأحمر والمحيط الهندى وبحر العرب .
يوم 7 أكتوبر 2023 ، دفع أمريكا والناتو للمشاركة فعليا في القتال ، ولأول مرة تحدث خسائر في صفوفها ، ولتتحول المنطقة إلى بوتقة لحرب شبه عالمية .
هذا اليوم المشهود ، أصبح اليوم الثالث على التوالي في شهر أكتوبر الذى يضع بصماته على الخريطة العالمية ، والسياسة الدولية ، وعلى حركة الشعوب ، قبل أن يضع بصماته على طبيعة الصراع العربى الإسرائيلي نفسه .
إنها مفارقات غريبة ، ليس لدىَّ لها أي تفسير ، لكن ربما قد يكون هناك في المستقبل ما يُمَكِنَا من أن نفسر مثل هذه الأمور .
أردتُ أن أطرح خواطرى هذه على القارئ ، وهى إجتهادات كاتب صحفى مهموم بالشأن العام ، ويتابع بعض الظواهر ، التي قد تبدو عجيبة بعض الشئ ، وليس لها تفسير سريع وعقلانى ، لكن ربما يكمن الحل والتفسير في المستقبل القريب أو حتى البعيد ..
ولِمَا .. لا ! .
[email protected]
إقرأ أيضا : فيصل مصطفى يكتب : السيسى .. الرئيس الإنسان
إقرأ أيضا : فيصل مصطفى يكتب بدون روتوش .. العطاء الوطنى
